بعد انتهاء الحرب الحجازية وعودة الإخوان إلى نجد أرادوا إكمال الفتوحات في العراق فواصلوا غاراتهم على القبائل العراقية وكان الإخوان ينظرون إلى ما يفعلونه في العراق على انه جهاداً.
فهاجم اخوان مطير مخفر بصية الحدودي التابع للعراق وقتلوا جميع افراده في 5 نوفمبر 1927.[6] وهاجم ابن عشوان من شيوخ مطير على عشائر عريبدار بالقرب من الكويت مما ادى لملاحقة القوات الكويتية له ونشوب معركة الرقعي في 27 يناير 1928.[7]
وفي 19 فبراير 1928 هاجم فيصل الدويش و بـ 2300 مقاتل الجواريين من المنتفق في جريشان جنوب غرب الزبير أدى لخسائر بلغت من جانب القبائل العراقية 26 قتيلاً و 80 جريحاً وسلب 1800 رأس من الاغنام و 120 حمل.[8]
وكرد فعل بريطاني على غارات الإخوان قام سلاح الجو الملكي البريطاني بالعراق بمهاجمة الإخوان في أيام 19 و 20 و 21 فبراير وخلال العمليات تمكن الإخوان من أسقاط إحدى الطائرات وقتل قائدها البريطاني.[9]
في سبتمبر 1928 عاد الملك إلى الرياض ووجد أن بعضا من أفخاذ العجمان قد اتحد مع فيصل وابن بجاد . أخذ الملك يعمل على عقد الجمعية العمومية للحضر والإخوان وحدد شهر أكتوبر موعدا لها ولكن الجمعية لم تنعقد إلا في 6 ديسمبر 1928 . حضر الجمعية العمومية زعماء الإخوان وشيوخ العشائر وأشراف المدن وعلماء الدين ، وتجاوز العدد الإجمالي للحاضرين ومرافقيهم 800 شخص، وتغيب عن الجمعية فيصل الدويش وسلطان بن بجاد وابن حثلين، ولكن فيصل أوفد إبنه عزيز لحضورها. تحدث عبد العزيز في الحاضرين طويلا وعدد منجزاته ومنها توحيد الجزيرة وإقامة صرح السلام .ثم لجأ إلى حركة مسرحية باقتراحه التنازل عن العرش شريطة أن يبايع المجتمعون واحدا من آل سعود ملكا، وقال أنه سوف يساعد من يختارونه. وتحدث عبدالعزيز عن مفاوضاته مع الإنجليز وقال أن غزوات فيصل الدويش هي سبب تعنتهم.
فعلت الحركة المسرحية فعلها في الحاضرين، وخاصة سكان الحواضر وواحات نجد، الركيزة التقليدية لآل سعود ، والذين كانوا يعرفون حق المعرف ما قد يعنيه بالنسبة لهم غياب عبدالعزيز وانتصار فيصل الدويش وبان بجاد . ووسط صياح : (لانريد بك بديلا) أعرب كل الحاضرين عمليا عن تأييدهم لسياسته و (إنكارهم) لزعماء الإخوان الثلاثة . ومن الواضح أن المجتمعين كانوا يدركون أن ابن سعود لايتنازل عن العرش طائعا ، وأنه كان قد بلغمن القوة والذكاء حدا كبيرا وأصبح مستعدا لمحاربة الإخوان . وتيقن أعيان الحواضر من ضرورة محاربة الإخوان ، وقد لعب دورا في ذلك السعي لحماية المصالح الطبقية في مواجهة البدو الثائرين ، إلى جانب نفور الحضر من البدو . غير أن الصعوبة تمثلت في أن حركة الإخوان اتخذت طابعا دينيا وزعم قادتها الثلاثة أنهم حماة الدين الحقيقيون وأن عبدالعزيز يقدم مصالحه الشخصية على مصالح الإسلام ويتعاون مع الإنجليز الكفار .
مع بداية موسم الرعي غدا واضحا أن الحرب الأهلية قائمة لامحالة ، رغم أن قبائل كثيرة اتخذت موقف متريث . وعوضا عن الوقوف جهاراً ضد عبدالعزيز آثر زعماء الإخوان الثلاثة شن غزوات على العراق ، لكن لايتهموا بالعصيان.
في بداية عام 1929 قام سلطان بن بجاد و فيصل بن سلطان الدويش بحشد قواتهما لشن هجوم واسع على العراق فتحرك الدويش من الأرطاوية بتجاه الشمال مروراً بحفر الباطن إلى الجليدة حيث وصلها في 19 فبراير إلا ان خبر وصوله قد تسرب وتجمعت القبائل العراقية من المنتفق والظفير تحت قيادة غلوب باشا في العبطية بالأضافة 3 طائرات تابعة لسلاح الجو البريطاني و عدة عجلات تحمل مدافع رشاشة لذا قرر الإخوان التراجع والنزول في حفر الباطن
بينما أكمل سلطان بن بجاد هجومه يتبعه 3000 مقاتل ووصل في 21 فبراير جنوب غرب العبطية في العراق وقسم قواته 3 اقسام متساوية قسم يقوم بالهجوم على تجار الجمال النجديين وأغلبهم من أهل القصيم وقسم يهاجم شمر وقسم قاده سلطان بن بجاد بنفسه ضد بدو اليعاحب في الجميمة.
سبب هجوم سلطان بن بجاد على التجار وأغلبهم من القصيم وعلى شمر استياءا كبيرا في نجد فجمع عبد العزيز آل سعود قواته ودعى لمؤتمر في الزلفي والتحكيم بالشريعة.
حشد القوات
اجتمعت قوات الملك عبدالعزيز وتجمعت في الزلفي وتألفت قواته من أغلب حرب بقيادة عبد المحسن الفرم، وشمر نجد بقيادة ندا بن نهير ، و قسم من الظفير بقيادة عجمي بن سويط ، وقسم من عنزة(ولد سليمان) ، وقسم من عتيبة بقيادة عمر بن ربيعان وقسم من مطير بقيادة مشاري بن بصيص وكذالك حاضرة القصيم والعارض.[10]
أما الإخوان فكانوا يتألفون بشكل رئيسي من هجر مطير و هجر عتيبة.
المفاوضات
وصل عبد العزيز آل سعود إلى الزلفي ودعى لعقد مؤتمر والتحكيم بالشريعة ووصل بعده فيصل بن سلطان الدويش وأنضم اليه سلطان بن بجاد بعد 3 أيام.
التقى فيصل الدويش بعبد العزيز في 27 مارس وأقام الليل عنده. بينما رفض سلطان بن بجاد الالتقاء مع عبد العزيز آل سعود بسبب مخاوفه من ان قبوله للمحاكمة الدينية سيعني الحكم بقتله.
في 29 مارس أرسل الدويش مرسولا إلى عبد العزيز آل سعود يخبره ان المسلمين رفضوا الأنفصال عن أخوانهم المسلمين يقصد مطير عن عتيبة. [11]
المعركة
شنت قوات عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود هجومها في 30 مارس وتحصن الإخوان في مواقعهم وستطاعوا صد الهجوم ونسحبت بعض قوات عبد العزيز آل سعود وتوهم الإخوان بقرب النصر إلا ان تلك القوات كانت قد أمرت بالتراجع من عبد العزيز آل سعود لستدراج الإخوان من مواقعهم.
خرج الإخوان لشن هجومهم فاستقبلتهم الرشاشات الألية فانهزموا وقاد الأمير فيصل بن عبد العزيز هجوماً بالخيالة لملاحقة المنهزمين.[12]
تكبد الإخوان 500 قتيل وفقدت قوات عبد العزيز آل سعود 200 قتيل.[13]


صورة رسمت بخط اليد في يناير من عام 1930 لفيصل الدويش
أصيب فيصل الدويش خلال المعركة إصابة بالغة في خصره وحـُمل إلى الإرطاوية. وأوفد نساءه إلى الملك لكي يطلبن منه الرأفة والعفو. وحينما علم عبد العزيز بأن فيصل أصيب بجرح شديد لان وعفا. وبعث بطبيبه الخاص إلى فيصل. ويبدو أن الغرض لم يكن المداواة فقط، بل معرفة مدى خطورة الإصابة. وعلى أية حال فقد أدرك عبدالعزيز أن فيصل لم يعد له وجود كمنافس له.
أما ابن بجاد فقد عاد بعد المعركة إلى الغطغط. وبعث إليه الملك رسالة يطلب منه فيها أن يستسلم هو وشيوخ القبائل الذين شاركوا في الانتفاضة. وقد انصاع ابن بجاد فحبس وسواه من زعماء الانتفاضة في سجن بالإحساء وهناك قضوا نحبهم. وأمر عبدالعزيز بتجريد هجرة الغطغط من السلاح وهدم بيوتها . وما زالت أنقاضها قائمة حتى اليوم.